فصل: قال الثعالبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.أسئلة وأجوبة:

.سؤال: ما وجه إعادة قوله تعالى: {فَمَن كَانَ مَّرِيضًا أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}؟

الجواب: قالوا في وجه إعادته مع تقدم نظيره في قوله: {فمن كان منكم مريضًا} [البقرة: 184] أنه لما كان صوم رمضان واجبًا على التخيير بينه وبين الفدية بالإطعام بالآية الأولى وهي {كتب عليكم الصيام} [البقرة: 183] الخ وقد سقط الوجوب عن المريض والمسافر بنصها فلما نسخ حكم تلك الآية بقوله: {شهر رمضان} الآية وصار الصوم واجبًا على التعيين خيف أن يظُنّ الناس أن جميع ما كان في الآية الأولى من الرخصة قد نسخ فوجب الصوم أيضًا حتى على المريض والمسافر فأعيد ذلك في هذه الآية الناسخة تصريحًا ببقاء تلك الرخصة، ونُسخت رخصة الإطعام مع القدرة والحضر والصحة لا غير، وهو بناء على كون هاته الآية ناسخة للتي قبلها، فإن درجنا على أنهما نزلتا في وقت واحد كان الوجه في إعادة هذا الحكم هو هذا الموضع الجدير بقوله: {ومن كان مريضًا} لأنه جاء بعد تعيين أيام الصوم، وأما ما تقدم في الآية الأولى فهو تعجيل بالإعلام بالرخصة رفقًا بالسامعين، أو أن إعادته لدفع توهم أن الأول منسوخ بقوله: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} إذا كان شهد بمعنى تحقق وعَلِم، مع زيادة في تأكيد حكم الرخصة ولزيادة بيان معنى قوله: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}. اهـ.

.سؤال: ما الفائدة في ذكر هذا اللفظ في هذا الموضع؟

الجواب: ما ذكره الإمام الفخر:
إن الله تعالى لما أمر بالتكبير وهو لا يتم إلا بأن يعلم العبد جلال الله وكبريائه وعزته وعظمته، وكونه أكبر من أن تصل إليه عقول العقلاء، وأوصاف الواصفين، وذكر الذاكرين، ثم يعلم أنه سبحانه مع جلاله وعزته واستغنائه عن جميع المخلوقات، فضلًا عن هذا المسكين خصه الله بهذه الهداية العظيمة لابد وأن يصير ذلك داعيًا للعبد إلى الاشتغال بشكره، والمواظبة على الثناء عليه بمقدار قدرته وطاقته فلهذا قال: {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. اهـ.

.سؤال: لم قال شهر رمضان ولم يقل: رمضان الذي أنزل فيه القرآن؟

الجواب كما ذكره العلامة ابن القيم:
قول الله سبحانه: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} فيه فائدتان أو أكثر إحداهما أنه لو قال رمضان الذي أنزل فيه القرآن لاقتضى اللفظ وقوع الإنزال على جميعه كما تقدم من قول سيبويه وهذا خلاف المعنى لأن الإنزال كان في ليلة واحدة منه في ساعة منها فكيف يتناول جميع الشهر وكان ذكر الشهر الذي هو غير علم موافقا للمعنى كما تقول سرت في شهر كذا فلا يكون السير متناولا لجميع الشهر الفائدة الأخرى أنه لو قال رمضان الذي أنزل فيه القرآن الكريم لكان حكم المدح والتعظيم مقصورا على شهر بعينه إذ قد تقدم أن هذا الإسم وما هو مثله إذا لم تقترن به قرينة تدل على توالي الأعوام التي هو فيها لم يكن محله إلا العام الذي أنت فيه أو العام المذكور قبله فكان ذكر الشهر الذي هو الهلال في الحقيقة كما قال الشاعر:
والشهر مثل قلامة الظفر

يريد الهلال مقتضيا لتعليق الحكم الذي هو التعظيم بالهلال والشهر المسمى بهذا الإسم متى كان في أي عام كان مع أن رمضان وما كان مثله لا يكون معرفة في مثل هذا الموطن لأنه لم يرد لعام بعينه ألا ترى أن الآية في سورة البقرة وهي من آخر ما نزل وقد كان القرآن أنزل قبل ذلك بسنين ولو قلت رمضان حج فيه زيد تريد فيما سلف لقيل لك أي رمضان كان ولزمك أن تقول حج في رمضان من الرمضانيات حتى تريد عاما بعينه كما سبق.
وفائدة ثالثة في ذكر الشهر وهو التبيين في الأيام المعدودات لأن الأيام تبين بالأيام وبالشهر ونحوه ولا تبين بلفظ رمضان لأن لفظه مأخوذ من مادة أخرى وهو أيضا علم فلا ينبغي أن يبين به الأيام المعدودات حتى يذكر الشهر الذي هو في معناها ثم تضاف إليه.
وأما قوله من صام رمضان ففي حذف الشهر فائدة أيضا وهي تناول الصيام لجميع الشهر فلو قال من صام أو قام شهر رمضان لصار ظرفا مقدرا ب {في} ولم يتناول القيام والصيام جميعه فرمضان في الحديث مفعول على السعة نحو قوله: {قم الليل} [المزمل 2] لأنه لو كان ظرفا لم يحتج إلى قوله إلا قليلا. اهـ.

.فصل جامع في فضل شهر رمضان وفضل صيامه:

.قال الخازن:

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل شهر رمضان صفدت الشياطين وفتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار» الصفد الغل أي شدت بالأغلال عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» قوله إيمانًا واحتسابًا أي طلبًا لوجه الله تعالى وثوابه وقيل إيمانًا بأنه فرض عليه، واحتسابًا ثوابه عند الله وقيل: معناه نية وعزيمة وهو أن يصوم على التصديق به والرغبة في ثوابه طيبة بها نفسه غير كارهة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل عمل ابن آدم له يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلاّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك» زاد في رواية «والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذٍ ولا يصخب فإن شتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم» قوله: كل عمل ابن آدم له معناه أن له فيه حظًا لاطلاع الخلق عليه إلاّ الصوم فإنه لا يطلع عليه أحد وإنما خص الصوم بقوله تعالى: «لي» وإن كانت جميع الأعمال الصالحة له وهو يجزى عليها لأن الصوم لا يظهر من ابن آدم بقول ولا فعل حتى تكتبه الحفظة وإنما هو من أعمال القلوب بالنية ولا يطلع عليه إلاّ الله تعالى لقول الله تعالى: إنما أتولى جزاءه على ما أحب لا على حساب ولا كتاب له.
وقوله: و«للصائم فرحتان فرحة عند فطره» أي بالطعام لما بلغ به من الجزع لتأخذ النفس حاجتها منه وقيل فرحة بما وفق له من إتمام الصوم الموعود عليه بالثواب وهو قوله: وفرحة عند لقاء ربه لما يرى من جزيل ثوابه. وقوله: ولخلوف بضم الخاء وفتحها لغتان وهو تغير طعم الفم وريحه لتأخير الطعام ومعنى كونه أطيب عند الله من ريح المسك هو الثناء على الصائم والرضا بفعله، لئلا يمتنع من المواظبة على الصوم الجالب للخلوف والمعنى أن خلوف فم الصائم أبلغ عند الله في قبول من ريح المسك عند أحدكم.
قوله: «الصيام جنة» أي حصن من المعاصي لأن الصوم يكسر الشهوة فلا يواقع المعاصي قوله فلا يرفث كلمة جامعة لكل ما يريد الإنسان من المرأة، وقيل: هو التصريح بذكر الجماع. والصخب الضجر والجلبة والصياح.
عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة بابًا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيام يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيركم فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل منه أحد وفي رواية إن في الجنة ثمانية أبواب منها باب يسمى الريان لا يدخله إلاّ الصائمون».
عن أبي أمامة قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله مرني بأمر ينفعني الله به قال: «عليك بالصوم فإنه لا مثل له» وفي رواية: «أي العمل أفضل فقال عليك بالصوم فإنه لا عدل له» أخرجه النسائي. اهـ.

.قال الثعالبي:

وجاء في فضل الصومِ أحاديثُ صحيحةٌ مشهورةٌ، وحدث أبو بكر بْنُ الخَطِيبُ بسنده عن سهل بن سعد الساعديِّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا تَطوُّعًا، لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ، لَمْ يَرْضَ اللَّهُ لَهُ بِثَوَابٍ دُونَ الجَنَّةِ»، قال: وبهذا الإِسناد عن أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بمثله. انتهى.
قال ابن عبد البَرِّ في كتابه المسمى ببهجة المَجالِسِ قال أبو العالية: الصائمُ في عبادةٍ ما لم يغتَبْ.
قال الشيخُ الصالحُ أبو عبد اللَّه محمَّد البلاليُّ الشافعيُّ في اختصاره للإحياء:
وذكر السُّبْكِيُّ في شرحه؛ أن الغِيبَةَ تمنع ثوابَ الصوْمِ إِجماعًا، قال البلاليُّ: وفيه نظر؛ لمشقَّة الاحتراز، نعم، إِن أكثر، توجَّهت المقالة. انتهى، وهذا الشيخ البلاليُّ لقيتُهُ، ورويتُ عنه كتابه هَذَا.
وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم؛ أنَّهُ قَالَ: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فُتِحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ» قال أبو عمر في التمهيد: وذلك لأن الصوْمَ جُنَّةٌ يستجنُّ بها العَبْدُ من النار، وتُفْتَحُ لهم أبوابُ الجنة؛ لأن أعمالهم تزكُو فيه، وتُقْبَل منهم، ثم أسند أبو عمر عن أبي هريرة، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيَتْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ فِي رَمَضَانَ، لَمْ تُعْطَهُنَّ أُمَّةٌ قَبْلَهَا: خُلُوفُ فَمِ الصَّائِم أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَتَسْتَغْفِرُ لَهُمُ المَلاَئِكَةُ حتى يُفْطِرُوا، وَيُزَيِّنُ اللَّهُ لَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ جَنَّتَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: يُوشِكُ عِبَادِي الصَّائِمُونَ أَنْ يُلْقُوا عَنْهُمْ المَئُونَةَ، والأذى، ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَيْكِ، وَتُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، فَلاَ يَخْلُصُونَ إلى مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهِ، ويَغْفِرُ لَهُمْ آخِرَ لَيْلَةٍ، قيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَهِيَ لَيْلَةُ القَدْرِ؟ قَالَ: لاَ، ولَكِنَّ العَامِلَ إِنَّمَا يوفى أَجْرَهُ إِذَا انقضى»، قال أبو عمر: وفي سنده أبو المِقْدام، فيه ضعف، ولكنَّه محتملٌ فيما يرويه من الفضائل.
وأسند أبو عمر عن الزهْريّ، قال: تسبيحةٌ في رمَضَان أفضلُ من ألفِ تسبيحةٍ في غيره. انتهى.
وخرَّجه الترمذيُّ عن الزهري قال: تَسْبِيحَةٌ فِي رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ تسبيحةٍ في غيره. انتهى.
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي والبيهقي عن عرفجة قال: كنا عند عتبة بن فرقد وهو يحدثنا عن رمضان، إذ دخل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسكت عتبة بن فرقد قال: يا أبا عبد الله حدثنا عن رمضان كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رمضان شهر مبارك تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب السعير، وتصفد فيه الشياطين، وينادي مناد كل ليلة: يا باغي الخير هلم، ويا باغي الشر أقصر، حتى ينقضي رمضان».
وأخرج أحمد والطبراني والبيهقي عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله عند كل فطر عتقاء من النار».
وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر».
وأخرج ابن حبان والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان، وعرف حدوده، وحفظ مما ينبغي أن يحفظ منه، كفر ما قبله».
وأخرج ابن ماجه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله عند كل فطر عتقاء، وذلك في كل ليلة».
وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتح أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد كل ليلة: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر ولله عز وجل عتقاء من النار، وذلك عند كل ليلة».
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: «نبشركم قد جاءكم رمضان شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم».
وأخرج أحمد والبزار وأبو الشيخ في الثواب والبيهقي والأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطيت أمتي في شهر رمضان خمس خصال لم تعط أمة قبلهم: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويزين الله كل يوم جنته، ثم قال: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤنة والأذى ويصيروا إليك، وتصفد فيه الشياطين، ولا يخلصون فيه إلى ما يخلصون في غيره، ويغفر لهم آخر ليلة قيل: يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال: لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله».
وأخرج البيهقي والأصبهاني عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسًا لم يعطهن نبي قبلي: أما واحدة فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله إليهم، ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبدًا، وأما الثانية فإنه خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك، وأما الثالثة فإن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة، وأما الرابعة فإن الله يأمر جنته فيقول لها استعدي وتزيني لعبادي أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى داري وكرامتي، وأما الخامسة فإذا كان آخر ليلة غفر لهم جميعًا فقال رجل من القوم: أهي ليلة القدر؟ فقال: لا، ألم تر إلى العمال يعملون، فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم؟».
وأخرج البيهقي في الشعب والأصبهاني في الترغيب عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله في كل ليلة من رمضان ستمائة ألف عتيق من النار، فإذا كان آخر ليلة أعتق بعدد من مضى».
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان فتحت أبواب الجنان فلم يغلق منها باب واحد الشهر كله، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب واحد الشهر كله، وغلت عتاة الجن ونادى مناد من كل ليلة إلى انفجار الصبح: يا باغي الخير تمم وابشر، ويا باغي الشر أقصر وابصر السماء، هل من مستغفر نغفر له؟ هل من تائب نتوب عليه؟ هل من داع نستجيب له؟ هل من سائل نعطي سؤاله؟ ولله عند كل فطر من شهر رمضان كل ليلة عتقاء من النار ستون ألفًا، فإذا كان يوم الفطر أعتق مثل ما أعتق في جميع الشهر ثلاثين مرة ستين ألفًا ستين ألفًا».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي والأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أظلكم شهركم هذا- يعني شهر رمضان- بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما مر على المسلمين شهر خير لهم منه، ولا يأتي على المنافقين شهر شر لهم منه، بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يكتب أجره وثوابه من قبل أن يدخل، ويكتب وزره وشقاءه قبل أن يدخل، وذلك أن المؤمن يعد فيه النفقة للقوّة في العبادة، ويعد فيه المنافق اغتياب المؤمنين واتباع عوراتهم، فهو غنم للمؤمنين وغرم على الفاجر».
وأخرج العقيلي وضعفه وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي والخطيب والأصبهاني في الترغيب عن سلمان الفارسي قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال: «يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوّعًا، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة وشهر يزاد في رزق المؤمن، من فطر فيه صائمًا كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء قلنا: يا رسول الله كلنا نجد ما يفطر الصائم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائمًا على مذقة لبن، أو تمرة، أو شربة من ماء، ومن أشبع صائمًا سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة، وهو شهر أوّله وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه فيه غفر له وأعتقه من النار، فاستكْثروا فيهِ مِنْ أَرْبعَ خِصَالٍ: خَصْلَتَان تُرْضُونَ بِهمَا رَبَّكُمْ، وَخَصْلَتَانِ لاَ غِنَى بِكُمْ عَنْهُمَا فَأمَّا الْخَصْلَتَانِ اللَّتَان تُرْضُونَ بِهِما رَبَّكُمْ فَشَهَادَةُ أنْ لاَ إلهَ إلا اللهُ وَتسْتَغْفِرونَهُ، وَأمَّا اللَّتَانِ لاَ غِنَى بِكُمْ عَنْهُما فَتَسْأَلُونَ الْجنَّةَ وتَعُوذونَ بِهِ مِنَ النَّار».
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن ماجه والبيهقي عن عبد الرحمن بن عوف قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فقال: «شهر فرض الله عليكم صيامه وسننت أنا قيامه، فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصلاة المكتوبة إلى الصلاة التي تليها كفارة، والجمعة إلى الجمعة التي تليها كفارة ما بينهما، والشهر إلى الشهر يعني شهر رمضان إلى شهر رمضان كفارة ما بينهما إلا من ثلاث: الإِشراك بالله، وترك السنة، ونكث الصفقة فقلت: يا رسول الله أما الاشراك بالله فقد عرفناه فما نكث الصفقة وترك السنة؟ قال: أما نكث الصفقة فأن تبايع رجلًا بيمينك ثم تخالف إليه فتقاتله بسيفك، وأما ترك السنة فالخروج من الجماعة».
وأخرج ابن خزيمة والبيهقي والأصبهاني عن أنس بن مالك قال: لما أقبل شهر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله! ماذا تستقبلون وماذا يستقبلكم؟» قال عمر بن الخطاب: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! وحي نزل أو عدوّ حضر؟ قال: لا ولكن شهر رمضان يغفر الله في أول ليلة لكل أهل هذه القبلة، وفي القوم رجل يهز رأسه فيقول: بخ بخ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «كأن ضاق صدرك بما سمعت». قال: لا والله يا رسول الله ولكن ذكرت المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المنافق كافر وليس للكافر في ذا شيء».
وأخرج البيهقي عن جابر بن عبد الله قال: لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر جعل له ثلاث عتبات، فلما صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم العتبة الأولى قال: «آمين»، ثم صعد العتبة الثانية فقال: «آمين»، حتى إذا صعد العتبة الثالثة قال: «آمين». فقال المسلمون: يا رسول الله رأيناك تقول آمين آمين آمين ولا نرى أحدًا؟! فقال: «إن جبريل صعد قبلي العتبة الأولى فقال: يا محمد فقلت: لبيك وسعديك فقال: من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يغفر له فابعده الله قل آمين فقلت: آمين فلما صعد العتبة الثانية قال: يا محمد قلت: لبيك وسعديك قال: من أدرك شهر رمضان وصام نهاره وقام ليله ثم مات ولم يغفر له فدخل النار فابعده الله، فقل آمين فقلت: آمين فلما صعد العتبة الثالثة قال: يا محمد قلت: لبيك وسعديك قال: من ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات ولم يغفر له فدخل النار فابعده الله، قل آمين فقلت: آمين».
وأخرج الحاكم وصححه من طريق سعد بن إساحق بن كعب بن عجرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احضروا المنبر فحضرنا، فلما ارتقى درجة قال: آمين فلما ارتقى الثانية قال: آمين ثم لما ارتقى الثالثة قال: آمين فلما نزل قلنا: يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئًا ما كنا نسمعه؟! قال: إن جبريل عرض لي فقال: بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له قلت: آمين فلما رقيت الثانية قال: بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت: آمين فلما رقيت الثالثة قال: بعد من أدرك أبويه الكبر عنده أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة فقلت: آمين».
وأخرج ابن حبان عن الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده فلما صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر، فلما رقى عتبة قال: «آمين». ثم رقى أخرى قال: «آمين». ثم رقى عتبة ثالثة فقال: «آمين». ثم قال: «أتاني جبريل فقال: يا محمد من أدرك رمضان فلم يغفر له فابعده الله فقلت: آمين قال: ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فابعده الله فقلت: آمين قال: ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله فقلت: آمين».
وأخرج ابن خزيمة وابن حبان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: «آمين آمين آمين». قيل: يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين؟! فقال: «إن جبريل أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل آمين فقلت: آمين».
وأخرج البيهقي عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر رمضان شد مئزره، ثم لم يأت فراشه حتى ينسلخ.
وأخرج البيهقي والأصبهاني عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر رمضان تغير لونه، وكثرت صلاته، وابتهل في الدعاء وأشفق منه.
وأخرج البزار والبيهقي عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير، وأعطى كل سائل.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في رمضان ينادي مناد بعد الثلث الأوّل أو ثلث الليل الآخر، ألا سائل يسأل فيعطى ألا مستغفر يستغفر فيغفر له، ألا تائب يتوب فيتوب الله عليه».
وأخرج البيهقي والأصبهاني عن أنس قال: قيل يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: «صدقة في رمضان».
وأخرج البيهقي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الجنة لتزين من الحول إلى الحول لشهر رمضان، وإن الحور لتزين من الحول إلى الحول لصوّام رمضان، فإذا دخل رمضان قالت الجنة: اللهم اجعل لي في هذا الشهر من عبادك، ويقول الحور: اللهم اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجًا فمن لم يقذف مسلمًا فيه ببهتان، ولم يشرب مسكرًا، كفر الله عنه ذنوبه، ومن قذف فيه مسلمًا، أو شرب فيه مسكرًا، أحبط الله عمله لسنة، فاتقوا شهر رمضان فإنه شهر الله، جعل الله لكم أحد عشر شهرًا تأكلون فيها وتشربون وتتلذذون وجعل لنفسه شهرًا، فاتقوا شهر رمضان فإنه شهر الله».
وأخرج الدارقطني في الأفراد والطبراني وأبو نعيم في الحلية والبيهقي وابن عساكر عن ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الجنة لتزخرف لرمضان من رأس الحول إلى حول قابل، فإذا كان أوّل يوم من رمضان هبت ريح تحت العرش، من ورق الجنة على الحور العين فيقلن: يا رب اجعل لنا من عبادك أزواجًا تقر بهم أعيننا وتقر أعينهم بنا».
وأخرج البزار والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيد الشهور شهر رمضان، وأعظمها حرمة ذو الحجة».
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود قال: سيد الشهور رمضان، وسيد الأيام الجمعة.
وأخرج البيهقي عن كعب قال: إن الله اختار ساعات الليل والنهار فجعل منهن الصلوات المكتوبة، واختار الأيام فجعل منهن الجمعة، واختار الشهور فجعل منهن شهر رمضان، واختار الليالي فجعل منهن ليلة القدر، واختار البقاع فجعل منها المساجد. اهـ.